كان في الماضي رجل يقال له الحياء، وكان أبيض الوجه كأنه قمر، يقطر من فيه شهد الكلام، وكان صاحب
صوت ندي، وشعر مرجل، وقامة ممشوقة، وإذا تكلم سحر من
أمامه ببريق بيانه، وقوة جنانه، واجتماع أمره، مع قلة سعيه، وعميق وعيه.
كنت أمر عليه فأجده على لباس المرأة، وأحيانا أراه يلبس الرجل، وكم مرة رأيته في وجوه العذارى، وعلى شفاه المعلمين، وفي قلوب علماء الدين، ومرة التقيت به وقد جف اللبن يسير مع امرأة لتخدم بيتا لا تعرف فيه إلا مبلغا من المال تستعين به على نائبات الدهر وصروفه، ووجدته ليلة يبكي بدموع الخشوع في محراب رجل أثقل ظهره حمل الدَّين.
شاهدته في الصباح على جباه التلاميذ، وفي الليل في سكون التالين العارفين، وقد مرَّ في العصر على جمع من الشباب يلهون، فلما أذن للمغرب ناداهم إلى الصلاة فتركوا ما بيدهم وأرجلهم.
لقد كنت أرى الحياء يعينني كثيرا عندما أريد تعديل سلوك شخص ما،وكنت كلما غاب عني اتصلت به في كل الأوقات وكل الأماكن، فكان رحمه الله وفيا، لا يتأخر عن موعده وكان مخلصا في نصحه وتوجيهه، وكان تقيا، فلم يكن يبغي شيئا من عرض الدنيا، ولكنه الأجر.
واليوم وبعد مرحلة من العمر طويلة، تعب الحياء تعبا شديدا ولزم فراشه، ولم يعده سواي، فرأيت ذلك الوجه الشاحب الذي كانت النضارة تجري في عروقه، ورأيت ذلك الجسد النحيل الذي تعب من السير وأضناه الجهد، ورأيت تلك النفس الآسفة التي تبكي دما وقد كانت تنشر التفاؤل في الحياة، فأخذت بجنبه وقلت له:لا بأس عليك أيها الحياء، مالذي حل بك؟ فأشار إلى نافذة تطل على الشارع، فأخذت انظر من خلالها على وجوه الناس وألقي نظرة عليه وأشير عليه للتأكد من صحة إشارته فيشير لي بالإيجاب،فانظر ولا أفهم شيئا، ثم أنزل من على النافذه، وأقول له:أستودعك الله سأزورك غدا، وأنت في صحة وعافية.
ونزلت إلى الطريق فلم أر الحياء على وجوه العذارى، رأيت الفتيات يتضاحكن مع الفتيان، وتعلوا أصواتهن، ورأيت لباس الشباب والشابات وقد عري أكثره، حتى لقد احترت في تسميته لباسا، والكلام الذي كان الحياء يمسكه على شفاه النساء أصبح الآن ضجيجا وصراخا، والطالب الذي كان يرى معلمه في طريق فيسلك الطريق الآخر حياء، أصبح الآن، يترصد له في الطريق، ويسبه قبل أن يسلم إن سلم، وأصبحت النفوس تجاهر الله بالشرك والسحر والمعصية، والفجور والزنا، والأغاني والخمور،حفلات غنائية، تثير الغرائز وتفتن من لا يفتن، وإسراف وتبذير للأموال والأوقات، والشباب السمج حين فارقه الحياء،لا نقل لا يخاف من الله الجبار، أصبح لا يستحي من الله ربه، ورازقه والمنعم عليه.
هيه أيها الحياء، لقد أصبح كل من أمامي بلا حياء، حينها ألقيت نظرة على نافذة الحياء وقلت له: رحم الله الحياء.
الثلاثاء 26 ديسمبر 2017, 4:10 am من طرف lonelysib
» رسمتي الرهيبة لدراغون سوبر خطوة خطوة بالفيديو
الأربعاء 20 ديسمبر 2017, 7:31 pm من طرف lonelysib
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات الخامسةعشر والسادسة عشر
الإثنين 04 يناير 2016, 8:00 am من طرف Admin
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات الثالثه عشر والرابعه عشر
الإثنين 04 يناير 2016, 7:55 am من طرف Admin
» مسلسل بنى هاشم الحلقات الحاديه عشر والتانيه عشر
الإثنين 04 يناير 2016, 7:51 am من طرف Admin
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات التاسعه والعاشره
الإثنين 04 يناير 2016, 7:45 am من طرف Admin
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات السابعه والثامنه
الإثنين 04 يناير 2016, 7:40 am من طرف Admin
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات الخامسه والسادسه
الإثنين 04 يناير 2016, 7:34 am من طرف Admin
» مسلسل قمر بنى هاشم الحلقات الثالثه والرابعه
الإثنين 04 يناير 2016, 7:29 am من طرف Admin